العياري:هذه المؤشرات تتحكم في مواصلة إطلاق الدولة قرضا رقاعيا من عدمه
عمدت تونس على امتداد السنوات الأخيرة، ومن خلال قوانين المالية، إلى إصدار قروض رقاعية وطنية خلال سنوات 2014 و2021 و2022 و2023 و2024، بغرض دعم ميزانية الدولة، واعتماد ثلاثة أصناف من الاكتتاب "أ و ب و ج" وفترات استرجاع بين 5 و 7 و 10 سنوات بنسب فائدة متفاوتة دون أن ننسى لجوء تونس لمسألة القروض الرقاعية بالسوق المالية العالمية .
جرعة هواء للدولة
ولكن وعلى عكس ما كان مبرمجا ضمن قانون مالية 2025 فلم تصدر وزارة المالية أي قسط من أقساط قرض رقاعي وطني بقيمة 8ر4 مليار دينار تم إقراره بقانون مالية لهذه السنة حيث تم الاكتفاء بإصدار رقاع خزينة قصيرة المدى يوم 20 فيفري الماضي بقيمة 2ر1 مليار دينار ورغم أن شهر جوان الماضي يعد من أصعب الأشهر على الخزينة العامة في رزنامة سداد الدّيون .
وفي سياق متصل اتجهت الدولة التونسية إلى اقتراض 7 مليار دينار من البنك المركزي التونسية دون صرفه كليا وحول رأي الخبراء في مسالة إرجاء الحكومة إصدار أقساط القرض الرقاعي لسنة 2025 وهل يعتبر ذلك مؤشرا على توقف اعتماد هذه الآلية قال المستشار الجبائي وعضو المجلس الوطني للجباية محمد صالح العياري في تصريح لموزاييك الثلاثاء 5 أوت 2025 إن القروض الرقاعية خلال السنوات الأخيرة اعتبرت جرعة هواء مكنت ميزانية الدولة من الحصول على موارد مالية هامة خاصة بعد إيقاف التعامل مع صندوق النقد الدولي مع نسب فوائض مسندة للبنوك تتراوح بين 9.8 % أو 9.9 % وهي نسب مرتفعة على اقتراض الدولة من البنوك ما دفع هذه الأخيرة إلى تحقيق مبالغ هامة في شكل فوائض و أرباح هائلة وضمن لها وضعية مريحة ولكن كان ذلك على حساب ميزانية الدولة .
الوضعية الاقتصادية والتوازنات المالية للميزانية محددان رئيسيان
وبين محمد صالح العياري أن هذه الوضعية دفعت الدولة إلى فكرة الاقتراض مباشرة من البنك المركزي التونسي سنة 2020 بمبلغ بـ 3 مليار دينار وأخرها مؤخرا اقتراض الدولة من البنك المركزي لمبلغ 7 مليار دينار كمساندة لميزانية الدولة بصفة مباشرة شريطة أن المبالغ المتحصل عليها من البنك المركيز تكون بكلفة اقل من القروض الرقاعية لدى البنوك وبهدف أساسي هو توجيه هذه القروض نحو الاستثمار وخلق الثورة في البلاد ما يعطي لهذا الاقتراض معنى حقيقى ويمكن من تخفيض الأعباء المالية على الدولة.
وأكد أنه من الضروري عدم إهمال جزئية مهمة وهي شح السيولة لدى البنوك وتقليص إسنادها قروضا للقطاع الخاص وباعثي المشاريع للقيام بالاستثمارات وخلق مواطن شغل جديدة وبالتالي هذا يطرح إشكالية وجود حالة شح في السيولة تدفع إلى وقف القروض الاستهلاكية ولفائدة المؤسسات على أساس أن المبالغ الهامة موجهة أساسا للدولة وعلى رأسها وزارة المالية وهذا له تداعيات وأثر سلبي من الناحية الاقتصادية والاستهلاكية المحركان الأساسيان للاستثمار والنمو الاقتصادي .
مؤشرات ايجابية
واعتبر محمد صالح العياري أن إصدار وزارة المالية قرضا رقاعيا من عدمه هذه السنة مرتبط بالوضعية الاقتصادية بصفة عامة و التوازنات المالية بميزانية الدولة ووجود مؤشرات ايجابية تتعلق باحتياطي تونس من العملة الصعبة الذي يقدر بحوالي 23.3 مليار دينار والذي يتأرجح بين 100 و101 يوم توريد مع انتظار الدولة لحصيلة التحويلات المالية للتونسيين بالخارج وعائدات السياحة التونسية خاصة بعد تحقيق حوالي 7 مليار دينار من عائدات السياحة وبلوغ تحويلات الجالية سنة 2024، 7.6 مليار دينار مع طموح بتحقيق عائدات من السياحة ب7.5 مليار دينار هذه السنة ومن تحويلات الجالية تقدر ب8 مليار دينار ما يحقق موارد محترمة من العملة الصعبة في مدة معقولة مع توريد المعدات لا فقط المواد الاستهلاكية والتي تعتبر مؤشرات على عودة تدريجية للدورة الاقتصادي وإيجاد المؤسسات رصيدا محترما من العملة الايجابية ما يمكنها من توريد معدات للقيام باستثماراتها في ظروف مريحة وبالتوازي مع انخفاض تدريجي لعجز الميزانية من 6.3 % وإمكانية مزيد انخفاضه إلى نحو 5.5 %.
وأضاف أن هذه العوامل والمؤشرات تبرز أن ميزانية الدولة ليست في حاجة للرجوع للقروض الرقاعية ذات الكلفة الباهضة خاصة وأن البنك المركزي على ذمة الدولة التونسية و لكن إذا ماوجهت هذه المبالغ نحو الاستثمار يمكن للدولة ضرب عصفورين بحجر واحد وهي تخفيض الكلفة على ميزانية الدولة وتمكنيها من القروض المسندة من البنك المركزي ودفع الاستثمار وخلق مواطن شغل إضافية .
هناء السلطاني